الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، أمّا بعدُ:
أختي المسلمةُ!
دونكِ صفاتٍ حميدةً، ومناقبَ عظيمةً، لي ولكِ من الكتابِ الّذي جعلَهُ اللهُ لنا هدًى ونورًا! من (القرآنِ الكريمِ)! من آياتٍ خاطبَ اللهُ بها (المرأةَ) بشكلٍ خاصّ!
لنبصرَهَا -نحنُ معشرَ النّساءِ-!
وندركَ أين قلوبُنا منها!
فنسارع لنفنيَ أعمارَنا في سبيلِ بلوغِهَا!
نائياتٍ عن سفاسفِ هذه الدّنيا الفانيةِ وزخرُفِها!
معرضاتٍ عمّا يفضي بنا إلى سخطِ اللهِ ولعنِهِ!
وجلاتٍ مشفقاتٍ من قولِه عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ:
((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! تَصَدَّقْنَ! فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ!)) [متّفقٌ عليه]
نسألُ اللهَ السّلامةَ والعافيةَ!
-في هذا الموضوع-:
1- ذكْرُ الصّفةِ (أو عدّةُ صفاتٍ)
2- ثُمّ تأصيلُها بآيةٍ كريمةٍ
3- ثُمَّ الإتيانُ بطرفٍ من المعنى (ذاكَ أنّ المقصدَ هو التَّدبُّر)!
فمنْ تلكمُ الصّفاتِ والمناقبِ:
مسلماتٍ!
مؤمناتٍ!
قانتاتٍ!
صادقاتٍ!
صابراتٍ!
خاشعاتٍ!
متصدّقاتٍ!
صائماتٍ!
حافظاتٍ لفروجهنّ!
ذاكراتٍ للهِ كثيرً!
ويجمعُهَا قولُه تعالى:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهُ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهَ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:35]
المعنى:
"يقولُ تعالى ذكرُه:
إِنَّ الْمُتَذَلِّلِينَ للهِ بِالطَّاعَةِ وَالْمُتَذَلِّلَاتِ
وَالْمُصَدِّقِينَ وَالْمُصَدِّقَاتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ،
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ للهِ،
وَالْمَطِيعِينَ للهِ وَالْمُطِيعَاتِ لَهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ،
وَالصَّادِقِينَ للهِ فِيمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ وَالصَّادِقَاتِ فِيهِ،
وَالصَّابِرِينَ للهِ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ عَلَى الثَّبَاتِ عَلَى دِينِهِ، وَحِينَ الْبَأْسِ، وَالصَّابِرَاتِ،
وَالْخَاشِعَةَ قُلُوبُهُمْ للهِ؛ وَجَلًا مِنْهُ وَمِنْ عِقَابِهِ، وَالْخَاشِعَاتِ،
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ، وَهُمُ الْمُؤَدُّونَ حُقُوقَ اللهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَالْمُؤَدِّيَاتِ،
وَالصَّائِمِينَ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي فَرَضَ للهِ صَوْمَهُ عَلَيْهِمْ، وَالصَّائِمَاتِ،
الْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، وَالْحَافِظَاتِ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ إِنَّ كُنَّ حَرَائِرَ، أَوْ مَنْ مَلَكَهُنَّ إِنْ كُنَّ إِمَاءَ،
وَالذَّاكِرِينَ للهِ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَجَوَارِحِهِمْ، وَالذَّاكِرَاتِ كَذَلِكَ أَعَدَّ اللهِ لَهُمْ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِمْ، وَأَجْرًا عَظِيمًا؛ يَعْنِي: ثَوَابًا فِي الْآخِرَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ عَظِيمًا، وَذَلِكَ الْجَنَّةُ!...." ا.هـ "تفسير الطّبريّ".
تائباتٍ!
عابداتٍ!
سائحاتٍ! (صائمات)
قال تعالى:
{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التّحريم:5]
المعنى:
"{مُسْلِمَاتٍ} خَاضِعَاتٍ للهِ بِالطَّاعَةِ
{مُؤْمِنَاتٍ} مُصَدِّقَاتٍ بِاللهِ وَرَسُولِهِ.
{قَانِتَاتٍ} مُطِيعَاتٍ للهِ.
{تَائِبَاتٍ} رَاجِعَاتٍ إِلَى مَا يُحِبُّهُ اللهُ مِنْهُنَّ مِنْ طَاعَتِهِ عَمَّا يَكْرَهُهُ مِنْهُنَّ
{عَابِدَاتٍ} مُتَذَلِّلَاتٍ للهِ بِطَاعَتِهِ.
{سَائِحَاتٍ} صَائِمَاتٍ" ا.هـ باختصار من"تفسير الطّبريّ".
"فيه بَيَانُ أَنَّ الخَيْرِيَّةَ الَّتِي يَخْتَارُهَا اللهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي النِّسَاءِ؛ هِيَ تِلكَ الصِّفَاتُ مِنَ الإيمَانِ وَالصَّلَاحِ"! ا.هـ "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن".
مريداتٍ للهِ!
ورسولِهِ!
والدّارِ الآخرةِ!
محسناتٍ!
قال تعالى:
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:28-29]
المعنى:
"{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ} وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ (رِضَا اللهِ وَرِضَا رَسُولِهِ وَطَاعَتَهُمَا) فَأَطِعْنَهُمَا
{فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ} وَهُنَّ العَامِلَاتُ مِنْهُنَّ بِأَمْرِ اللهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ" ا.هـ "تفسير الطّبري" بشيءٍ من الاختصارِ.
"{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ} أي: هذه الأشياء مرادكنَّ، وغاية مقصودكنَّ، وإذا حصل لَكُنَّ الله ورسوله والجنّة، لم تبالين بسعة الدّنيا وضيقها! ويسرها وعسرها! وقنعتنَّ من رسول اللهِ بما تيسّر، ولم تطلبنَ منه ما يشقّ عليه".. انتهى المراد. "تفسير السّعديّ".
قال ابن القيّم -رحمه الله-:
" والقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ يُرِيدُهُ وَيُرِيدُ ثَوَابَهُ، وَهَؤُلَاءِ خَوَاصُّ خَلْقِهِ! قَالَ اللهُ تَعَالَى:
{وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}؛ فَهَذَا خِطَابُهُ لِخَيْرِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ!" ا.هـ " "مدارج السالكين بين منازل (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين)".
صالحاتٍ!
حافظاتٍ للغيبِ!
قالَ تعالى:
{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ} [النّساء:34]
المعنى:
"يعني بقوله -جلّ ثناؤه-:{فَالصَّالِحَاتُ}: المستقيماتُ الدّينِ، العاملاتُ بالخيرِ!" ا.هـ "تفسير الطّبريّ".
وفي اللغة: "(صلح): الصَّلاحُ: ضدُّ الفَسَادِ" ا.ه "لسان العرب".
"وأمّا قوله: {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ}؛ فإنّه يعني: حافظاتٌ لأنفسهنَّ عند غيبةِ أزواجهنَّ عنهنَّ، في فروجهنَّ، وأموالهمْ، وللواجبِ عليهنَّ من حقِّ اللهِ في ذلك وغيرِهِ" ا.ه "تفسير الطّبريّ".
مصدّقاتٍ بكلماتِ اللهِ!
قال تعالى:
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}[التحريم: 12]
المعنى:
"{وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ}: وهذا وصفٌ لها بالعلمِ والمعرفةِ! فإن التّصديقَ بكلماتِ اللهِ، يشملُ: كلماتِهِ الدّينيّةِ والقَدَرِيَّةِ، والتّصديقُ بكتبِهِ، يقتضي معرفة ما به يحصلُ التّصديقُ، ولا يكون ذلك إلا بالعلمِ والعملِ، [ولهذا قال] {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}؛ أي: المطيعينَ للهِ، المداومينَ على طاعتِهِ بخشيةٍ وخشوعٍ، وهذا وصف لها بكمالِ العملِ، فإنّها -رضي الله عنها- صدّيقةٌ، و(الصّدّيقيّةُ) هي: كمالُ العلمِ والعملِ" ا.ه "تفسير السّعديّ".
قارّاتٍ في البيت!
غير متبرّجاتٍ!
مقيماتِ الصّلاةِ!
مؤتياتِ الزّكاةِ!
مطيعاتٍ للهِ ورسولِهِ!
ويجمعُها قوله تعالى:
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب:33]
المعنى:
"{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}؛ أي: الْزَمْنَ؛ فَلَا تَخْرُجْنَ لِغَيرِ حَاجَةٍ" ا.ه "تفسير ابن كثير".
"{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}؛ أي: اقْرَرْنَ فيها، لأنّهُ أسْلَم وأحفظ لَكُنَّ.
{وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى}؛ أي: لا تكثرْنَ الخروجّ متجمّلاتٍ أو متطيّباتٍ، كعادةِ أهلِ الجاهليّةِ الأولى، الّذين لا علمَ عندهُمْ ولا دين، فكلُّ هذا دفعٌ للشّرِّ وأسبابِهِ" ا.هـ "تفسير السّعديّ".
"{وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: نَهَاهُنَّ أَوَّلًا عَنِ الشَّرِّ، ثُمَّ أَمَرَهُنَّ بِالْخَيْرِ مِنْ: إِقَامَةِ الصَّلَاةِ؛ وَهِيَ عِبَادَةُ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَهِيَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ" ا.ه "تفسير ابن كثير".
طالباتٍ الجنةَ ومجاورةَ الرّبّ -تبارك وتعالى-!
قال تعالى:
{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[التحريم:11]
المعنى:
"فوصفَهَا اللهُ بالإيمانِ والتَّضَرُّعِ لرَبِّهَا، وسُؤالِهَا لرَبِّهَا أجلَّ المطالبِ، وهو: (دخولُ الجنّةِ! ومجاورةُ الرَّبِّ الكريمِ!) و(سؤالِهَا أن ينجّيَها اللهُ من فتنةِ فرعونَ وأعمالِهِ الخبيثةِ، ومن فتنةِ كلِّ ظالمٍ!، فاستجابَ اللهُ لها، فعاشتْ في إيمانٍ كاملٍ، وثباتٍ تامٍّ، ونجاةٍ من الفتنِ!" ا.هـ "تفسير السعدي".
"لَقَدِ اخْتارَتِ امرَأَةُ فِرعَونَ -في طَلَبِهَا- حُسْنَ الجِوَارِ قَبْلَ الدَّارِ!" ا.هـ "أضواء البيان في تفسير القرآن".
مخلصاتِ الطّاعةِ للهِ!
مداوماتٍ على الطّاعة!
خاضعاتٍ لربِّهِنَّ!
قال تعالى:
{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران:43]
المعنى:
"يعني جلَّ ثناؤُهُ بقولِهِ -خبرًا عن قِيل ملائكتِهِ لمريمَ-: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ}: أخلصِي الطّاعةَ لربِّكِ وحدَهُ" ا.هـ "تفسير الطّبريّ".
وفي تفسير (السّعديّ) -رحمه الله-:
"{اقْنُتِي لِرَبِّكِ} القنوت: دوامُ الطّاعةِ في خضوعٍ وخشوع!
{وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} خصَّ (السّجودَ والرّكوعَ)؛ لفضلهِمَا ودلالتِهِمَا على غايةِ الخضوعِ للهِ"! ا.ه "تفسير السّعديّ".
آمراتٍ بالمعروف!
ناهياتٍ عن المنكر!
قال تعالى:
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التّوبة:71]
"{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} أيْ: ذكورُهُم وإناثُهُم!
{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} في المحبّةِ والموالاةِ، والانتماءِ والنّصرةِ.
{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} وهو: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما عُرِفَ حُسْنُهُ، من العقائدِ الحسنةِ، والأعمالِ الصّالحةِ، والأخلاقِ الفاضلةِ، وأوَّلُ من يدخلُ في أمرِهِمْ: (أنفسُهُمْ)! {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وهو: كلُّ ما خالفَ المعروفَ وناقضَهُ من العقائدِ الباطلةِ، والأعمالِ الخبيثةِ، والأخلاقِ الرّذيلةِ.
{وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} أي: لا يزالونَ ملازمينَ لطاعةِ اللهِ ورسولِهِ على الدّوام." ا.ه "تفسير السّعديّ".
مُتجلبباتٍ!
قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب:59]
المعنى:
"والظّاهرُ أنَّ قولَهُ: {وَنِسَاءِ الْـمُؤْمِنِينَ}؛ يشملُ: (الحرائرَ والإمَاءَ)، والفتنةُ بالإمَاءِ أكثَرُ؛ لكثرَةِ تَصَرُّفِهِنَّ، بِخِلافِ الحرائرِ، فيحتاجُ إخراجُهُنَ مِنْ عمومِ النّساءِ إلى دليلٍ واضحِ!
{ذلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}: لتستُّرِهِنَّ بالعفِّةِ، فلا يُتَعرَّضُ لهُنَّ، ولا يُلْقَينَ بما يَكْرَهْنَ؛ لأنَّ المرْأةَ إذا كانتْ في غايةِ التّسَتُّرِ والاِنضِمامِ، لم يُقْدَمْ عليهَا، بخلافِ المتبرِّجةِ؛ فإنَّهَا مَطْمُوعٌ فيها." ا.هـ "تفسير البحر المحيط" باختصار.
حييّاتٍ!
قال تعالى:
{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} الآية [القصص:25]
المعنى:
"يقولُ تعالى ذكرُهُ: فجاءتْ موسَى إحدَى المرأتينِ اللَّتين سَقَى لهُمَا تمشِي على اسْتحياءٍ من موسَى، قدْ سَتَرْت وجْهَهَا بِثَوبِهَا. وبنحو الّذي قلنا -في ذلك- قالَ أهلُ التّأويلِ " ا.هـ "تفسير الطّبريّ".
"فجاءتْهُ {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} وهذا يدلُّ على كرَمِ عنصرِهَا، وخُلُقِها الحَسَن! فإنَّ الحياءَ من الأخلاقِ الفاضلةِ، وخصوصًا في النّساءِ"! ا.ه "تفسير السّعديّ".
خاتمةُ الموضوعِ:
وبعدَ تلكَ الآياتِ الكريماتِ، وما تضمنّتْهُ من حللِ المعاني! وجواهرِ الفضائلِ! ألاَ يجدرُ بالمرأة، أن تصرفَ جهدَهَا وطاقَتَها؛ لتتزينَ بها؟! استعدادًا للقاءِ ربّها؟!
أبعدَ كلّ تلكَ النّفائسِ، تجدُ نفسها راغبةً في حطامِ الدّنيا، لاهثةً وراءَ التّفاهاتِ؟!
أم تراها تقبلُ نفسُها -لأجلِ أن تكونَ جميلةً في نظرِ (النّاسِ)!- التّهافتَ وراء زينةٍ ظاهرُها (إبرازُ الجمالِ) وباطنُها (الوقوع في اللّعنِ والحرامِ)؟!
نعم؛ تتزيّن، لكن بما يرضي ربّهَا..
تتكلّم، بما يرضي ربّهَا..
تنفعُ غيرها، بما يرضي ربّهَا...
ألاَ فبتلكَ الحُللِ، فلْتتجمّلِ (المرأةُ العاقلةُ)!
وعليها فلْتحرصْ!
ولتكنْ عين مطلبِها!
وشغلها الشّاغل للفوزِ بها!
فإنّها الحللُ (النّافعةُ) في الدّنيا والآخرةِ!
أرجوهُ تعالى أن يجعلَنَا من الآخذاتِ بها!
وصلّى اللهُ على نبيّنا محمـد وعلى آلِهِ وسلّم.